تشكل الصور الفوتوغرافية للفنان عبد العزيز الخليلي اليوم إحدى المعالم الفنية الأثرية التي توثق للفن المسرحي، على الرغم من كون فرجاته منفلتة وزائلة لارتباطها بالآنية. وعلى غرار السنوات الماضية، حرص المهرجان الدولي “طنجة المشهدية” على أن تتضمن فقرات دورته السابعة عشرة معرضا جديدا للفنان الفوتغرافي التألق، سليل الممارسة المسرحية، وتقديم صوره التي تقتنص من هذا العرض الزائل لوحات مدهشة تعيد بعث “الأثر المفتوح” لتتعدد روافده ومنطلقاته الجمالية، ما يجعل المتلقي يحتار من قدرة هذا الفنان على التقاط تفاصيل دقيقة ومدهشة للوجوه والحركات والرقصات ومساحات الوجدان على خشبة المسرح؛ هذا الرجل الممسوس والملسوع بأبي الفنون قدم مشهديات فوتوغرافية متفردة، بأسلوبه وخفته في اقتناص الصور، كأنه في صدد الكتابة البصرية التي تتخذ من الفوتوغرافيا فنا مجاورا للاقتراب أكثر من أحاسيسنا وهواجسنا أثناء تلقي العروض؛ وكأن اللقاء حلم آخر يتجدد مع كل صورة، بل ومع كل لقطة رمشة عين لا تخطئ فلسفة العبور نحو الصحف والمجلات المتخصصة ووسائط التواصل الاجتماعي عربيا ودوليا- وإن تنكرت أحيانا- تظل سلطة بصمة عبد العزيز الخليلي أقوى من أي محو كائن؛ فالوفاء للمسرح هو وفاء لتقاليده الفنية التي أضحت مع صوره شكلا من أشكال التعرف على فضاءات العرض والأقنعة، مؤرخة لتجارب لماحة في صيروراتها القصوى وهي تسافر إلى مدرجات النقد الأكاديمي المتخصص بوصفها أيقونة تدل على حيوات العروض المهاجرة إلى تخوم المعنى، مما يزيد من درجة هذه الحيرة الخليلية.
يحتفي المركز الدولي لدراسات الفرجة بالفنان عبد العزيز الخليلي قناص الجمال على خشبات المسرح المغربي دفاعا عن الحق في الصورة التي تحرض على صون ذاكرة مسرحنا المغربي، وفتح ورش آخر للاشتغال أكثر على الأرشفة البصرية عبر رؤية استشرافية تحتفي بأخلاقيات ثقافة الاعتراف بفن هؤلاء المبدعين المخلصين لحركات الممثلين ونبضاتهم على الخشبة، ضدا في المحو الذي يتهددنا جميعا في غياب تام لاستراتيجية مؤسساتية تسعى إلى صون ذاكرة المسرح.